من تحصيل الحكم الشرعي حتى الاجتهاد.. ما طبيعة عمل مفتي الجمهورية؟ دار الإفتاء تجيب
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، قراراً جمهورياً بتفويض د. تم تعيين نذير محمد عياد أمينًا عامًا لمجمع البحوث الإسلامية مفتيًا للجمهورية لمدة أربع سنوات بناءً على تعيين الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
الامام الاكبر د. من جانبه، هنأ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، د. نذير محمد عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بمناسبة تعيينه مفتياً لجمهورية مصر العربية يتبع المفتي: “لقد اختبرك الله عز وجل بهذا المنصب المهم ومدى أهميته ومسؤوليته. فاستخدموها في الخير للناس، والتيسير عليهم».
في هذه الأثناء، د. أعرب محمد الدويني وكيل الأزهر الشريف عن خالص التهاني للدكتور. نذير عياد بمناسبة تعيينه مفتي الديار المصرية، بعد رحلة عطاء أزهرية بحتة في مجمع البحوث الإسلامية، أكد أن د. استطاع نذير عياد أن يقدم الإبداع والإدارة والكتابة والمشاركة في كثير من جوانب الحركة العلمية والاجتماعية بعقلية الباحث الفاحص.
ولكن ما هي وظيفة المفتي؟
وتناولت دار الإفتاء المصرية في دراستها السابقة كل ما يتعلق بمنصب مفتي الجمهورية. وعن واقع عمل المفتي، قال: بما أن الفتوى تؤثر على القرار الشرعي المبني على الأدلة، فإن ذلك يترتب عليه ما يلي.
الأول: التوصل إلى القرار الشرعي المجرد في رأس المفتي. وإذا كان مما لا يعسر تحقيقه، فليس من باب الاجتهاد، كما لو أن السائل يسأله عن أركان الإسلام ما هي؟ أم عن حكم الإيمان بالقرآن؟ إذا كان الدليل مخفيا، مثلا إذا كانت آية من القرآن غير واضحة المراد، أو حديث نبوي مروي بصيغة المفرد، أو ذكر ما هو غير واضح، أو ليقرر إذا كان الدليل متناقضة أو لا تدخل تحت أي من النصوص مطلقا، فيجب بذل الجهد في التحقق من صحة الدليل وإثباته والاستنباط منه أو القياس عليه. ثانياً: معرفة الواقعة المسؤولة عنها من خلال ذكرها في سؤاله، ويجب على المفتي أن يفهمها فهماً كاملاً بالنسبة للجواب، وذلك بسؤال السائل عنها تفصيلاً، وسؤال غيره إذا لزم الأمر، والنظر في الأدلة. ثالثاً: تحديد انطباق الحكم على الواقعة المسؤولة عنها من خلال التحقق من وجود أساس الحكم الشرعي الذي يتبادر إلى الذهن في الواقعة المسؤولة عنها، بحيث يكون الحكم منطبقاً عليها لا يكون له تنظيم. فإن كل أمر على حدة يتحدد، بل حقائق عامة وعبارات مطلقة تتناول الأعداد. ولا يقتصر الأمر على الحقائق، فكل حقيقة محددة لها خصوصية لا تكون موجودة في غيرها. ولا يراعى في الحكم أوصاف الوقائع كلها ولا يتعارض بعضها مع بعض. بل من المعلوم أن بعضهم يؤخذ في الاعتبار والبعض الآخر لا، وهي فئة ثالثة مترددة بين الطرفين، بحيث لا تكون هناك صورة وجودية محددة دون أن يتمكن المفتي من التفكير فيها بسهولة أو بصعوبة. نفسه، وبأي دليل يتم دراسة التدخل؟ هل هناك أساس لاتخاذ قرار بشأن الحادثة أم لا؟
فإذا حقق وجوده فيها نفذها، وهذه عناية ضرورية لكل قاض ومفتي، ولو فرض أن هذه العناية عالية لم يكن الحكم على أفعال المسؤولين إلا في روح؛ ولما كنا نتعامل مع عموميات ومطلقات تنطبق أيضا على الأفعال المطلقة، والأفعال التي تقع في الوجود لا تحدث مطلقا، بل باعتبارها خاصة ومحددة، فلا يسري عليها التنظيم إلا إذا علم أن هذا الخاص وارد. بشكل مطلق أو بشكل عام، وهذا قد يكون أو لا يكون بسيطًا. كل ذلك مجهود.
وضربت دار الإفتاء المصرية مثالا على ذلك: سأله رجل هل عليه أن ينفق على أبيه؟
فينظر أولاً إلى الأدلة المقدمة فيعلم أن القانون ينص على أن الابن الغني يجب أن ينفق على أبيه الفقير، وثانياً فيتعرف على حال كل من الأب والابن والمبالغ التي يملكها كل منهما، ومقدار الديون ما عليه وما عنده من أولاد، وإلى جانب ما يعتقد أنه سيؤثر على القرار، فإنه يدرس حالة كل منهم ليحدد وجود الأساس له للتحقق من القاعدة – أي الغنى والفقر – لأن الأغنياء والفقراء الذين منحهم القانون الحكم، لكل منهم طرفان ووسيط. فالرجل الغني مثلاً له حزب أعلى، ولا إشكال في إدخاله في تعريف الثروة، وله حزب أدنى. ولا توجد مشكلة في الخروج منه، وهناك وسيط يتردد فيه المراقب في الدخول أو الخروج. وكذلك في الفقر ثلاثة أطراف: أي أن المفتي يجتهد في إدخال الصورة التي هو مسؤول عنها في الحكم أو إزالتها على هذا الأساس. وهذا النوع من العناية ضروري في كل حادثة – ويسمى معرفة الحقائق – لأن كل شكل من أشكال الكارثة يحدث ويستمر في نفسه، لم يقدم له نظير، ولو افترضنا أنه قد تم تقديم مثله ، فلا بد من النظر هل هو كذلك أم لا، وهو اعتبار.