خبير مغربي يكشف عن الأسباب الطبيعية والإنسانية للارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة بالمملكة
أرجع خبير المناخ والتغير البيئي المغربي مصطفى العيسات “موجات الحر غير المسبوقة” التي تشهدها المملكة إلى عوامل طبيعية وبشرية، حيث يعيش المغرب حاليا صيفا حارا غير مسبوق. وقال العيسات في تصريح صحفي إن العوامل الطبيعية التي تسببت في موجات حر غير مسبوقة تتعلق بالرياح الجنوبية الحارة المتجهة شمالا أو ما يسمى بـ “ظاهرة القرش” التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة.
وأوضح أن المغرب شهد في السنوات الأخيرة “مناخا قاسيا تميز بارتفاع كبير في درجات الحرارة”.
وفيما يتعلق بالأسباب الإنسانية، أوضح الخبير المغربي أنها تتعلق بـ”الاحتباس الحراري الناجم عن الغازات الدفيئة وعدم امتثال العديد من الدول لاتفاق باريس للمناخ”.
ويعد اتفاق باريس للمناخ أول اتفاق دولي شامل بشأن حماية المناخ، تم إبرامه في العاصمة الفرنسية في ديسمبر 2015 بعد مفاوضات مطولة بين ممثلي 195 دولة. وتلزم الاتفاقية الدول الموقعة بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وفي أبريل 2016، وقعت 190 دولة على الاتفاقية، المعروفة أيضًا باسم “COP 21″، والتي تنص على توفير موارد مالية إضافية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتطوير القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
وأشار العيسات إلى أن “ارتفاع درجات الحرارة يؤثر على درجات حرارة المحيطات، مما يؤدي بدوره إلى زيادة وتيرة التقلبات المناخية مثل هطول الأمطار الغزيرة”.
وعن مخاطر استمرار موجة الحر، قال العيسات، إنها تتمثل في ثلاثة مستويات: “نقص المياه والحرائق والإضرار بالتنوع البيولوجي”.
وأضاف أن المستوى الأول يشير إلى “الإجهاد المائي وشح المياه وانكماش الطبقة الجوفية (موارد المياه الجوفية)”.
وأوضح أن مخزون السدود في البلاد انخفض إلى 23 بالمئة، فيما انخفض جزء من المخزون إلى 5 بالمئة، “وهو ما يؤثر بدوره على تراجع الإنتاج الزراعي وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية”.
أما المستوى الثاني، فيشير الخبير المغربي إلى أنه “اندلاع الحرائق بسبب الحرارة التي تؤثر على الغابات”.
وقال: إن “هذه الحرائق دفعت الحكومة إلى اعتماد استراتيجية جديدة للحد منها واقتناء طائرات “كنادير” (المخصصة لإشعال الحرائق) واستخدام التكنولوجيا الحديثة والطائرات بدون طيار (الدرونز)”.
وفيما يتعلق بالمستوى الثالث، قال العيسات: “إن الحرارة والحرائق تؤثر على التنوع البيولوجي وخاصة الغابات، وتسبب أضرارا اقتصادية واجتماعية، كما حدث في مدينة بني ملال حيث توفي 21 شخصا بسبب موجة الحر”.
ونظراً لهذه التأثيرات، لا سيما على مستويات المياه، اتخذت البلاد عدة تدابير لمعالجة الأزمة.
وفي هذا السياق، دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس وفي 29 تموز/يوليو، شدد على ضرورة “التسريع في إنجاز محطات تحلية مياه البحر وفق البرنامج المعد لها والذي يهدف إلى توفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنوياً”.
وأضاف في خطاب متلفز حينها: “ستمكن هذه المشاريع المغرب من تلبية أكثر من نصف احتياجاته من مياه الشرب بحلول عام 2030، وكذلك ري مساحات فلاحية واسعة، مما سيساعد على تحسين الأمن الغذائي للبلاد”.
وفي يونيو/حزيران الماضي، أعلن المغرب عن بدء أشغال إنشاء محطة لتحلية مياه البحر في مدينة الدار البيضاء، والتي قال إنها ستكون “الأكبر” من نوعها في القارة الإفريقية وستبلغ طاقتها الإنتاجية السنوية نحو 300 مليون متر مكعب. من المياه المحلاة.
وقال العيسات: “إن غياب العدالة المناخية بين الدول المتقدمة والنامية يجبر الأخيرة على دفع ضريبة الدول المتقدمة التي تساهم بشكل كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري”.
وتابع: «كما تؤدي ظاهرة الحرارة إلى ظاهرة النينيو الطبيعية التي تسبب الفيضانات وتؤثر سلباً على الاقتصاد والبنية التحتية».
وظاهرة النينيو هي ظاهرة طبيعية تؤثر على المحيطات كل 4 إلى 12 سنة وتتسبب في ارتفاع درجات حرارة المياه السطحية، مما يؤدي إلى تكوين كتل مائية دافئة وتيارات في المناطق الاستوائية مما يؤدي إلى تغيرات مناخية.
يعيش المغرب صيفا حارا بسبب موجة حارة غير مسبوقة ألقت بظلالها السلبية على المواطنين وفرضت تحديات ومخاطر كبيرة على القطاعات الحيوية، خاصة الزراعة وإدارة المياه.
وأعلن المغرب، الذي نادرا ما سجل وفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة، في 25 تموز/يوليو أن 21 شخصا لقوا حتفهم في يوم واحد بسبب الحر في مدينة بني ملال شمال البلاد.
وسجلت درجات الحرارة في المغرب الأسبوع الماضي “مستويات قياسية” تراوحت بين 42 و47 درجة، بحسب وكالة الأرصاد الجوية، بينما تجاوزت في 23 يوليوز من العام الماضي 47 درجة.
وكان لهذه الموجة الحارة تأثير. وأبرزها استمرار موجة الجفاف التي تضرب البلاد للعام السادس على التوالي.