وزير الري في حوار شامل لـ الشروق (1-2): مياه النيل أمن قومي.. ولن نقبل بأي ضرر على المواطنين
• تعاملت إثيوبيا مع عملية التعبئة بطريقة سخيفة وغير مبررة • الإجراءات المصرية وسلسلة الفيضانات العالية قللت من تأثير السد الإثيوبي • قمنا بتلبية كافة الاحتياجات المائية… ولم يعاني المواطن من نقص في المياه • الاتفاق يقلل، لكنه لا يمنع، المخاطر السلبية للسد الإثيوبي • الحفاظ على القدرة التخزينية الإستراتيجية للسد لمواجهة حالات الجفاف المحتملة • إن إعطاء الأولوية لمصالح أحد الأطراف على حساب الآخرين يؤدي إلى خسائر للجميع • ما يقال عن وجود تدفق للمياه الجوفية في مصر غير صحيح
أكد وزير الموارد المائية والري د. وقال هاني سويلم، إن مياه النيل قضية أمن قومي، وأن الدولة المصرية لن تقبل أي ضرر على المواطنين وستتخذ الإجراءات المناسبة لحماية أمنها المائي. وتحدث “سويلم” عن كواليس أزمة سد النهضة والإجراءات المصرية للتعامل مع آثارها السلبية في حوار لـ “الشروق” في مكتبه بالعاصمة الإدارية، وهو جالس بين لوحتين تصوران نهر النيل، الأولى تحمل البيت الشعري “واجري يا نيل حراً حراً… لتخبر ضفافك” لفاروق جويدة، والآخر “النيل العذب الكوثر… والجنة هو” لأحمد شوقي . وأوضح سويلم أن التصرفات الأحادية بشأن “السد الإثيوبي” كما أسماها طوال الحوار الذي نشر في حلقتين، عطلت نظام إدارة مياه النيل، وأن التصرفات المصرية، خاصة الإدارة المثلى للسد، عطلت عملية إدارة مياه النيل. النيل – نظام إدارة مياه النيل كان سيرتبك وتكرار ارتفاع الفيضانات قلل من الأثر السلبي للسد، ولم يشعر المواطن بنقص المياه… وإلى نص الحوار:
– كيف أثر وجود سد النهضة على مصر الآن مع اقتراب اكتماله؟
وقد حدثت بالفعل تأثيرات كان لها تأثير اقتصادي ساعد البلاد على تجاوز الأزمة. إن محاولة إثيوبيا بناء سد على النيل الأزرق -الذي يمثل 62% من المياه الواصلة إلى السد- دون توافق مع دول المصب ودون إجراء دراسات لتقييم الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية، لها آثار سلبية على مصر والسودان. إن ملء وتشغيل السد دون توافق بين الدول الثلاث ودون وضع قواعد تنظيمية تعالج الظروف الهيدرولوجية المختلفة (كمية الأمطار) سيلحق الضرر بدولتي المصب. وألقى نقص البيانات حول أحداث الملء المختلفة بظلاله على إدارة وتشغيل السدود خلف سد إثيوبيا والمناطق الزراعية، حيث أثر على نمط الفيضان الطبيعي من حيث التوقيت والكمية. كما تسببت إثيوبيا في إرباك كبير في نظام إدارة مياه النيل من خلال تصرفاتها المنفردة وإدارة عملية الملء بشكل سخيف وغير مبرر. وتم إطلاق كميات صغيرة من المياه خلال فيضان هذا العام، لتقترب من أدنى مستوى تاريخي للنيل الأزرق. إلا أن كميات كبيرة من المياه تم إطلاقها بشكل مفاجئ دون مراعاة الوضع التخزيني في السدود الأخرى، مما يشكل خطراً كبيراً على المنشآت. بالإضافة إلى ذلك، سيتم خصم كميات المياه التي تخزنها إثيوبيا بشكل أحادي ودون إجماع في السد من المياه التي كانت ستتدفق إلى دول المصب، مما يعني انخفاض الإيرادات المائية.
– كيف تعاملت مع هذا التأثير؟
من خلال المراقبة الدقيقة لحالة الفيضانات والتنبؤ بحجم تدفق المياه على مدار العام المائي مع المراقبة المستمرة لتطور البناء؛ تحديد كميات المياه المتوقعة حتى نتمكن من إدارة السد على النحو الأمثل قدر الإمكان والتأكد من سلامته. وساهمت الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية، بما في ذلك الإدارة المثلى للسد وكذلك سلسلة الفيضانات في السنوات الأخيرة، في تقليل الآثار السلبية للسد الإثيوبي. مما مكن من تلبية الاحتياجات المائية لجميع قطاعات الدولة المصرية، حتى لا يعاني المواطن من نقص المياه.
– ما هي الحالات التي تثير المخاوف بشأن السد الإثيوبي؟
حالات الجفاف المتتالية والردم بعد الجفاف، فضلاً عن عدم وجود قواعد تشغيل واضحة متفق عليها من خلال اتفاقية قانونية ملزمة لجميع الأطراف. ويظل الخوف من الآثار السلبية لهذا السد، الذي ينتهك قواعد القانون الدولي، خوفا مشروعا.
– لماذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في المفاوضات؟
لقد حاولنا منذ ما يقرب من 13 عاماً عبر قنوات التفاوض المختلفة التوصل إلى اتفاق يأخذ في الاعتبار مصالح الدول الثلاث. لكن هذه الجهود قوبلت بمزيد من التعنت من جانب إثيوبيا، التي رفعت من مصالحها المائية دون مراعاة حقوق ومصالح دول المصب. وحاولت إثيوبيا استغلال عملية التفاوض للحصول على صك موافقة من دولتي المصب بشأن سيطرتها المطلقة على النيل الأزرق. ودخلت عملية التفاوض في حلقة مفرغة، حيث أثيرت قضايا خارج نطاق التفاوض في بداية كل مرحلة تفاوض جديدة. تحقيق أقصى قدر من الأرباح دون النظر إلى التأثير السلبي على دول المصب. كما رفضت جميع البدائل الفنية والقانونية المقدمة في مختلف مراحل المفاوضات، بما في ذلك من خلال الوسطاء الدوليين، وتم الحفاظ على نفس المواقف الإثيوبية في الجولة الأخيرة من المفاوضات.
– ماذا وراء كواليس هذه الجولة؟
وقد طرحنا مقترحات وفق النصائح العلمية لتنظيم ملء وتشغيل السد خلال الفترات الهيدرولوجية المختلفة، مع الأخذ في الاعتبار المصالح المائية لدولتي المصب وحتى تحقيق المصالح الإثيوبية المعلنة في توليد الكهرباء من السد بارتفاعات عالية. وكانت الكفاءة في أوقات الجفاف. لكن إثيوبيا رفضت قبول أي من الحلول التوفيقية التي قدمتها مصر وحاولت طرح مقترحات لا تأخذ في الاعتبار سوى عدم التزام البلاد، مما دفع إلى إدخال قواعد غير حكومية وغير فعالة تسمح للدولة بتغييرها. من جانب واحد، مما يفرغ الاتفاق من مضمونه. وتجاهلت إثيوبيا القانون الدولي في هذا الصدد ودفعت لتطبيقه الانتقائي، بما يتماشى مع سياسة أحادية راسخة ترفض احترام مبادئ التعاون للتشاور المسبق. وعلى هذه الخلفية، أدركت الدولة المصرية – بكافة أطرافها – أنه من الصعب تحقيق التوازن اللازم والتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يأخذ في الاعتبار مصالح مصر الوطنية والأمن المائي واستخدام المياه الحالي والمستقبلي، حسبما قررت المحكمة. لإنهاء المفاوضات.
– هل سيمنع الاتفاق الإضرار بالسد الإثيوبي؟
ويهدف الاتفاق في المقام الأول إلى تقليل المخاطر السلبية للسد الإثيوبي، وليس منعها. في الواقع، للسد آثار سلبية، منها على سبيل المثال: خسائر التبخر والتسربات وسحب كمية من المياه خلال مراحل الملء المختلفة التي كانت ستتدفق إلى دول المصب.
– ما الخطوات التالية لضمان حقوق مصر المائية؟
وتقوم جميع أجهزة وسلطات الدولة بمتابعة ومتابعة هذه الملفات عن كثب حتى تتمكن من اتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن الحفاظ على حقوق مصر المائية. وفي هذا السياق تتابع وزارة الري خطط إدارة المياه على مستوى الجمهورية. ضمان إمدادات المياه للمستفيدين والحفاظ على القدرة التخزينية الاستراتيجية للسد؛ للتعامل مع فترات الجفاف المحتملة. وفي الوقت نفسه، ندعو الدول الأخرى إلى الارتقاء إلى مستوى مسؤولياتها واحترام الاستخدامات الحالية لدول المصب والالتزام بالتعاون وتعزيز المصالح المشتركة، وعدم الميل إلى تغليب مكاسب طرف معين على حساب الخسائر. للآخرين، وهو ما يعني خسائر للجميع.
– ما هو موقف مصر من خطط إثيوبيا المعلنة لبناء سدود جديدة على النيل الأزرق؟
مصر دولة جافة وتعتمد مصر على مياه النيل بحوالي 98% ولذلك تتأثر بشدة إذا حدث نقص في مياه النيل. وموقف الدولة هنا واضح لا لبس فيه. وهو لا يعارض تنمية أي دولة في حوض النيل طالما أنها لا تؤثر على حقوق المواطنين في مياه النيل ولا تضر دول المصب بسبب اعتمادنا فقط على مصدر مائي واحد. لذلك يجب على جميع المشاريع الالتزام بقواعد قانون المياه الدولي فيما يتعلق بالإخطار المسبق وإجراء الدراسات المناسبة لتقييم الآثار المتعلقة بالمياه والبيئية والاقتصادية والاجتماعية واقتراح حلول للتعامل مع الآثار السلبية الناتجة عن ذلك على الدول المشاطئة لهذه المياه. مشاريع لتأسيسها.
– ما رسالتك للمصريين في هذا الصدد؟
تعتبر مياه النيل قضية أمن قومي وتراقبها كافة جهات الدولة. ولن تقبل الدولة المصرية أي تهديد لمقدرات الشعب المصري، ولن تقبل أي ضرر لمواطنيها، وستتخذ الإجراءات المناسبة لحماية أمنها المائي القومي من أي مخاطر. نحن بحاجة أيضًا إلى حماية مواردنا المائية واستخدامها بشكل أفضل. إننا نعاني من شح المياه ونتعرض لضغوط مع التزايد السكاني الكبير بالتوازي مع استقرار حصتنا المائية التي تقدر بنحو 55.5 مليار متر مكعب. ولذلك نلجأ إلى إنشاء محطات معالجة المياه ومشاريع تحلية المياه على السواحل واستيراد بعض المحاصيل لتعويض النقص في الموارد المائية. ونظرًا لأن النمو السكاني يشكل ضغطًا اقتصاديًا كبيرًا على الموارد المالية للدولة، فمن المهم التأكد من أن المشروعات في أعالي النيل لا تؤثر على المياه التي تصل إلى مصر.
– لماذا جمدت مصر مشاركتها في مبادرة حوض النيل؟
بسبب استمرار عمله على أسس خلافية، من بينها التخلي عن قاعدة التوافق في اتخاذ القرار، وعدم الاعتراف بالاستخدام الحالي لمياه النيل من قبل مصر والسودان. كما رفضت المبادرة تطبيق القواعد المنصوص عليها في قانون المياه الدولي الخاصة بالتشاور والإخطار المسبق بالمشروعات المقرر تنفيذها في أي من دول الحوض، مما يشكل تهديدًا لأمن مصر المائي.
– ما شروط مصر للعودة إلى مبادرة حوض النيل؟
وتعتمد العودة إلى المبادرة على استعادة سلامتها ومعالجة المخاوف المصرية، وهو ما يتماشى مع القواعد المتبعة في منظمات أحواض الأنهار الناجحة حول العالم، بما في ذلك اللجنة الدولية لحماية نهر الراين وهيئة تنمية حوض نهر السنغال وهيئة تنمية حوض نهر السنغال. لجنة نهر زامبيزي ومن أهم هذه المبادئ ما يلي: عضوية جميع الدول المطلة على النهر في إطار قانوني يضمن التزام جميع الأطراف الكامل بمبادئ القانون الدولي الذي ينص على الإخطار المسبق والالتزام بعدم التسبب في ضرر جسيم؛ ضمان تحقيق مصالح وحقوق دول المنبع والمصب على قدم المساواة، وتحسين التعاون وتحقيق الأمن والسلام الإقليميين. ويجب أن يتم اتخاذ جميع القرارات التي تتخذها المنظمة بإجماع جميع الدول وليس بالأغلبية من أجل تحقيق الإجماع بين جميع الدول، حيث تخاطر المؤسسات التي تقودها الأغلبية بإهمال مصالح الدول الأخرى وتعزيز الانقسام بدلاً من التعاون. بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء آلية لتبادل البيانات والمعلومات بشكل شفاف في تنفيذ مشاريع وخطط تنمية الموارد المائية في دول المنبع، ويجب إنشاء آلية واضحة لضمان التزام الدول بمنهجية التعاون المنشودة. ويجب أن تكون المنظمة قادرة أيضاً على تمويل برامجها ومشاريعها ذاتياً من مساهمات الدول الأعضاء، مما يضمن استقلالها في صنع القرار.
– ماذا يعني بالنسبة لمصر أن يصل منسوب المياه في بحيرة فيكتوريا إلى مستويات غير مسبوقة؟
ويتزايد بالفعل هطول الأمطار على الهضبة الاستوائية هذا العام، حيث وصل منسوب المياه في بحيرة فيكتوريا إلى أعلى مستوى له على الإطلاق. ولكن يجب أن نعلم أن جزءا كبيرا جدا من المياه التي تأتي من الهضبة الاستوائية تضيع في مناطق المستنقعات وأن كل ما يأتي منها لا يمثل سوى 15% من الدخل السنوي لنهر النيل. ولذلك فإن هذه المياه لن تكون بديلاً عن مياه النيل الأزرق.
– ما رأي وزارة الري في مقترح ربط الكونغو بالنيل؟
هناك صعوبات كبيرة وتحديات كثيرة تجعل الفكرة غير قابلة للتنفيذ، منها: وجود مرتفعات في المسارات المقترحة؛ ونظرا لفارق الارتفاع فإنه من الضروري رفع المياه بمقدار 760 مترا، الأمر الذي يتطلب إنشاء عدة محطات رفع متتالية، مما يزيد من تكلفة الاقتراح. وبالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى إنتاج كهربائي يقدر بأكثر من 30 ألف ميجاوات. بالإضافة إلى ذلك، يمر المسار عبر مناطق مستنقعات حيث يتم فقدان كميات كبيرة من المياه وبالتالي يتم إهدار إمدادات المياه السطحية الجديدة إلى هذه المناطق. وهناك أسباب قانونية وسياسية لذلك، حيث أن نقل المياه بين الحوضين يحتاج إلى موافقة رسمية من جميع الدول المطلة على الحوضين.
– ماذا تقول في اعتراض إثيوبيا على تحويل مياه النيل إلى سيناء؟
ولمصر خريطتها التاريخية الخاصة التي تؤكد أن سيناء جزء من حدودها، وأن أحد فروع النيل القديمة كان موجودا قبل بناء قناة السويس، بحسب الوثائق البريطانية المتوفرة لدى الهيئة العامة للمساحة. لدى هيئة المساحة المصرية خريطة قديمة لأذرع النيل في الماضي من نوفمبر 1798 باللغة الإنجليزية. ويظهر وصول مياه النيل إلى سيناء، بذراع يسمى “بلوزي” بمثابة إشارة إلى مدينة بلزيوم “عكرمة” في سيناء. وقد اختفى هذا الفرع وربما يكون مساره مطابقا لأجزاء من ترعة الشرقية. والفرع الثاني هو “الطنيتي” بمحافظة الشرقية، عند الطرف الشرقي لبحيرة المنزلة، ومصب نهر بحر مويس حاليا مطابق لهذا الفرع. كما يجب التوضيح أن المياه التي تصل إلى سيناء يتم إعادة استخدامها وخلطها بمياه الصرف الزراعي واستخدامها في الأغراض الزراعية. ولذلك فإن حجج إثيوبيا هي حجج ضعيفة وإثيوبيا ترفض كل شيء؛ لدرجة أنها اعترضت على نفق الشهيد أحمد حمدي وإلى يومنا هذا لا نعرف ما سبب الاعتراض وما علاقة النفق بملف المياه.
حدثنا عن دور الوزارة في هذا الصدد لتنمية سيناء؟
قمنا بتنفيذ العديد من المشروعات لإمداد شبه جزيرة سيناء بالمياه المعالجة بداية بمشروع ترعة الشيخ جابر التي تعتبر توسعة لقناة السلام بشرق الدلتا، وإنشاء 17 مدخلا ومحطة رفع عليها وبحسب الرقابة الزراعية فإن حوالي 125 ألف هكتار جاهزة للزراعة. وفي عام 2021، أطلقت الوزارة مشروع إنشاء مسارين بطول 100 كيلومتر تقريباً وأنابيب بطول أكثر من 360 كيلومتراً و17 محطة رفع. لري حقل زراعي بمساحة 200 ألف فدان تقريباً بوسط سيناء نسبة التنفيذ الحالية حوالي 70% وجارٍ التنفيذ ومن المقرر الانتهاء من المشروع أواخر عام 2025. كما تشارك الوزارة في توفير المياه الجوفية لبعض المشروعات التنموية بناءً على وجود المياه الجوفية، بما في ذلك منطقتي رفح والشيخ زويد وبعض التجمعات التنموية بشمال وجنوب سيناء، لتوطين البدو وإنشاء مجتمعات عمرانية.
– ما حقيقة وجود تدفق للمياه الجوفية في مصر؟
ولا صحة لما يشاع عن هذا الأمر؛ تعتبر المياه الجوفية من الموارد المائية المحدودة الأهمية في مصر، خاصة أنها غير متجددة وتقع على أعماق كبيرة، الأمر الذي يتطلب، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة، حفر آبار على عمق كيلومتر واحد للوصول إلى هذه المياه.