عام على حرب غزة.. رابحون وخاسرون في ميزان معارك لا تزال محتدمة
لقد مر عام على عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس ضد مدن جنوب الأراضي المحتلة، والتي أعقبتها عملية السيوف الحديدية الإسرائيلية، والتي أودت حتى الآن بحياة أكثر من 30 ألف شخص، ووصل 41 ألف فلسطيني إلى قطاع غزة و ودمرت كل ما هو ضروري للحياة في القطاع المكتظ بالسكان.
ولم يعد القتال يقتصر على حركة حماس وإسرائيل، بل اتسع النطاق الجغرافي للصراع المسلح إلى ما هو أبعد من حدود قطاع غزة، وتورطت فيه العديد من القوى والجماعات في المنطقة، والمشهد مغلق الآن بحسب وذكر موقع الشرق الإخباري أن هجمات متفاوتة القوة والنفوذ وقعت بين إسرائيل من جهة وحماس وحزب الله اللبناني وإيران والحوثيين في اليمن من جهة أخرى.
وتمكنت حماس من إحداث زلزال في إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والقضاء على 1200 إسرائيلي، بينهم ضباط وجنود، خلال ساعات قليلة، رغم أن الحركة الفلسطينية كادت أن تفقد السيطرة على قطاع غزة بسبب الاجتياح الإسرائيلي الذي نتج عن الغزو. وتلا ذلك غارات جوية عنيفة استمرت وتم تنفيذها. ونفذت بعض العمليات ضد القوات الإسرائيلية، ولا يزال قائدها يحيى السنوار، أبرز المطلوبين لدى إسرائيل، على قيد الحياة رغم المحاولات الإسرائيلية المستمرة للقضاء عليه.
يرى الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي عصمت منصور أنه بغض النظر عن طبيعة عملية “طوفان الأقصى” والموقف منها، فإنه لا يمكن لأحد أن يتجاهل النجاحات التي حققتها بعض الأطراف، مثل “حماس” التي تمكنت من وجه ضربة موجعة لإسرائيل و”هز صورة أمنها وجيشها وجهاز مخابراتها”، لكن في النهاية تمكنت الحرب الإسرائيلية من تدمير البنية العسكرية المهمة للحركة، ولم تعد غزة تشكل تهديدا “عسكريا” يقول موقع الشرق الإخباري: “التهديد كما كان من قبل”.
ويرى منصور أن حماس عندما شنت هجومها في 7 تشرين الأول/أكتوبر ربما كانت تراهن على تأثيرات كبيرة وفورية في المنطقة من شأنها أن تغير كل المعادلات.
أما عن دوافع الهجوم، أوضح الباحث الفلسطيني أن قادة حماس “ربما جربوا كل شيء”، على حد تعبيره، بما في ذلك التوصل إلى اتفاق مصالحة مع السلطة لم يدم طويلا، واتفاق مع إسرائيل فعل مثله، وفشلت محاولة فك الحصار المفروض على غزة، إضافة إلى جولات قتال متتالية لم تسفر عن نتائج تذكر، “ولذلك قرروا كسر المعادلة نهائيا والقيام بعملية لإحداث تغيير استراتيجي في التوازن”. القوة وإجبار إسرائيل على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين”.
ويرى منصور أن هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر “أتى بنتائج عكسية” “حيث أيقظ مخاوف إسرائيل الوجودية، ودفعها إلى اتخاذ قرار بالقضاء التام على قدرات حماس في غزة وبدء حرب إبادة لا تزال مستمرة”.
• كيف يفكر السنوار؟
وكان الغرض من هجوم 7 أكتوبر، كما أعلنت حماس في ذلك الوقت، هو الضغط على إسرائيل وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين. والحقيقة أن العملية حققت أكثر مما توقعته الحركة، وسرعان ما أصبح زعيمها “أبو إبراهيم” كما كان يُلقب بطلاً في نظر ملايين العرب والمسلمين. وأخذت الأحداث منحى آخر، وتحولت غزة إلى ركام، ومات أكثر من 40 ألفاً من سكانها، وشرد الباقون في قطاع غزة.
وكان عصمت منصور أسيراً سابقاً في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ 20 عاماً على الأقل، ومساعداً للقيادي في حركة حماس يحيى السنوار، وعرفه جيداً خلال السنوات التي قضاها في السجن. وسألته الشرق إذا كان يعتقد أن السنوار سعيد بقراره الذي بدأ الحرب وهل يرى نفسه اليوم منتصرا أم خاسراً؟
وأشار الأسير الفلسطيني السابق إلى أن زعيم حماس تمكن من وضع بصمته على هجوم 7 أكتوبر وربطه باسمه، مما جعله شخصية عالمية وزعيمًا شبه مطلق لحركته.
وتابع: “إذا كان مقدراً للسنوار أن يخرج من هذه المعركة حياً، فمن الممكن أن يصبح شخصية في نظر الفلسطينيين لا يمكن لأحد أن يتفوق على شعبيته وحضوره. منذ رحيل أبو عمار (الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات) لم يأتي زعيم بثقل ورمزية السنوار، ومن هذا الجانب استفاد الرجل في كل شيء.
وأضاف، وهذا هو حديث الباحث الفلسطيني عصمت منصور، أن السنوار “يرى نفسه قد تلاشى في التاريخ وأصبح أشبه بالقائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي”، خاصة أن ما فعله لم يفعله أحد آخر. لما ترتب على ذلك من عواقب وخيمة، “إنه الثمن الطبيعي لحركات التحرر ونضالات الشعب”.
• فقدان الحكم في غزة
في المقابل، رأى منصور أن “حماس” تأثرت بشدة و”خسرت معظم قدراتها العسكرية وسيطرتها على غزة إلى الأبد”. لذلك، وعلى الرغم من الشعبية التي حققها السنوار حاليًا، إلا أنه سيتعرض للاضطهاد طوال حياته، وسيكون بلا قوة عسكرية وبدون غزة”.
وأكد زميل السنوار في السجون الإسرائيلية في حديثه لـ”الشرق” أن السنوار “يعرف إسرائيل جيداً، لكن معرفته انتهت على ما يبدو عند حدود 7 تشرين الأول 2023، ولا أعتقد أنه كان يتخيل ذلك”. وأضاف أن “الجنون سيصل إلى هذا المستوى”. وسيرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في هجوم حماس فرصة لتبرير مشروع اليمين المتطرف المتمثل في القضاء على القضية الفلسطينية وإطفائها وتدمير غزة والقيام بالتطهير العرقي في الضفة الغربية المحتلة. و… تهويد القدس.
وأشار: “من الصعب أن نقول على وجه اليقين كيف يفكر السنوار الآن؟ لقد اتخذت الأمور منعطفاً أكثر خطورة وتعقيداً وصعوبة مما كان يمكن لأي شخص أن يتوقعه، وهو يدرك أن حساباته وفهمه لإسرائيل كان غير دقيق إلى حد ما، وهكذا قاده ذلك إلى مصير لا أحد يعرف كيف سينتهي.