حكاية مهندس كمبيوتر فقد بصره ويدرب المكفوفين على استخدام التكنولوجيا
لقد فقد بصره، لكنه لم يفقد بصيرته. ولد الشاب محمود الشيخ، البالغ من العمر 33 عامًا، وهو يعاني من مشكلة في العين تسببت في ضعف وفقدان البصر تدريجيًا حتى لم يستسلم، ودرس الشريعة والفقه الإسلامي حتى تخرج من الأزهر تخرج الشريف بمرتبة الشرف. حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التجويد وإتقان الأحاديث المعتمدة، وأصبح إماماً وحافظاً للقرآن الكريم.
“لا يوجد شيء يمكن أن يمنعك ما دامت لديك روح وتستطيع الاعتماد على نفسك”. هذه العبارة كانت مبدأ الشيخ الذي حثه على استكمال الحياة وتحقيقها رغم ظلمة أخرى، والنظر إلى الجانب المشرق ضبابي. الرؤية في عينيه، يتمسك بالأمل ويتحدى بيئة العمل الكئيبة التي تقيده بالوظائف التي كان يمارسها. إنه لا يرى نفسه فيه ويقرر التغلب على عالم الكمبيوتر الذي أحبه كثيرًا دائمًا.
وتميز ليس فقط بتدريبه الممتاز في مجال الحاسب الآلي وإتقانه لكل ما يتعلق بـ”البرمجيات”، مما ساعده كثيراً على الاعتماد عليها ومواصلة تعليمه. ولماذا لا، هذا أيضًا جعله على دراية بالعالم، وبسبب إحساسه بالمسؤولية وحبه لنقل المعرفة، قرر تدريب زملائه المكفوفين من البشر واستخدامهم جيدًا في كل ما يتعلق بأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم الشخص المسؤول عن تكنولوجيا المعلومات وعين معمل الكمبيوتر التابع لجمعية المكفوفين.
اكتسب الشيخ ثقة كاملة بنفسه بعد تدريبه وإعداده وتأهيل زملائه للعمل على الحاسب الآلي مثل المبصرين. وقرر توثيق هذا التدريب وصقله بشهادة معتمدة بدعم من الجمعية التي يعمل بها، وبالفعل فقد أبرم بروتوكول تعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا للترخيص بالتدريب الذي يقوم به وقال إن الإجراءات داخل الجمعية تتم بعد اختبار المتدربين.
ورغم الصعوبات والتحديات التي يواجهها، مثل ارتفاع أسعار البرامج التي تسهل على المكفوفين استخدام أجهزة الكمبيوتر من خلال القراءة الصوتية والتي تنتجها شركات عالمية، فإنه يحاول دائما إيجاد البدائل والتعليقات: “إن المبصر يرى”. الحاجة “ويستشيرها بالفأرة، ولكننا نراها بالتعليق الصوتي، ولهذا أهمية هذه البرامج، ولكن أغلبها بسبب أسعارها المرتفعة التي تصل إلى آلاف الجنيهات، والنسخ المقلدة”. وهي غير متاحة رسميًا، لكنها غير قانونية وتعرض المستخدمين لخطر القرصنة والمتسللين.
– طموح لا يستطيع الوصول إلى الأرض
ويأمل الشيخ، وهو أب لطفلين معاذ وفاطمة، أن يتمكن جميع المكفوفين وضعاف البصر من الوصول رسميًا إلى هذه البرامج من خلال التراخيص حتى يتمكنوا من عيش حياتهم بشكل طبيعي ومزاولة أعمالهم اليومية دون قيود أو تبعية لأحد، و وهو يحاول أن يحصل على مساعدة من زوجته وعائلته الذين يدعمونه دائمًا في الحصول على دورات تدريبية جديدة في مجال اللغة الإنجليزية والبرمجة، على الرغم من ارتفاع تكلفة الدراسة؛ ليحقق حلمه بأن يصبح مدربًا معتمدًا في هذا المجال ويساعد زملائه على دخول العالم الافتراضي.
كما يهدف إلى تعليم المكفوفين في جامعة الأزهر. حتى يتمكن الطلاب من تعلم كل ما يتعلق بالكمبيوتر لمساعدتهم على الدراسة، خاصة في أيام الامتحانات، بدلاً من الاستعانة بأشخاص لمساعدتهم في الإجابة على الأسئلة والكتابة. ومن الممكن أنهم لا يتقنون اللغة العربية وقواعدها بشكل كامل، وتأليف الآيات والأحاديث القرآنية، مما يجعلهم يفقدون بعض الدرجات ويستخدمونها أيضاً في حياتهم اليومية والعملية، مما يؤدي إلى أن أصبحت لغة العصر الحديث. ولا توجد وظيفة دون استخدامها في عالم اليوم.