أبو الغيط: جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين لن تتقادم أو تمحى من الذاكرة الإنسانية
انطلقت مؤخراً أعمال الدورة العادية الـ114 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بمقر الأمانة العامة للجامعة.
ويحضر اللقاء معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد رئيس الدورة الـ114 للمجلس، ودانة الزعبي رئيسة الوفد الأردني رئيسة الدورة الـ113 للمجلس. بالإضافة إلى عدد من الوزراء والسفراء وممثلي الدول العربية.
من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمته أمام المجلس: “نقترب اليوم من الذكرى السنوية الأولى لبدء الهجوم الإسرائيلي الغاشم على فلسطين من نوعه، لكنه بالتأكيد الأكثر عنفا، والأكثر همجية، والأكثر خلوا من القانون والأخلاق والإنسانية”.
* محاولات إسرائيل توسيع نطاق الصراع
وأضاف: “لقد تابعنا جميعاً بشاعة هذه الجريمة وجرائمها، كما نتابع بقلق بالغ محاولات إسرائيل المستمرة لتوسيع دائرة الصراع إلى دول الجوار بذرائع وحجج أبعادها الداخلية والحسابات السياسية الشخصية التي تحركها”. ينكشف الأمر للجميع، ولا يخفى على أحد أن ذلك يشكل خطراً حقيقياً لاندلاع حرب إقليمية، والتي… ولا شك أنها ستكون لها عواقب وخيمة على المنطقة والعالم أجمع، وستكون آثارها وهذا أمر خطير بالنسبة للشعوب التي تسعى إلى التنمية والتقدم وسيعيد هذه المنطقة لسنوات إلى الوراء.
وأشار أبو الغيط إلى أن الفترة الماضية كانت صعبة على الشعب الفلسطيني الذي عاش هذه المأساة وتعايش مع أعبائه قدر استطاعته، متحملا ظروفا قاسية تفوق بكثير ما يمكن أن يتحمله البشر، بصبر وصابرة، كريما كريما، رأسه مرفوعاً، الذي لم يتزعزع إيمانه بعدالة القضية التي وقف من أجلها شيئاً وهو يدافع عنها ضد قنابل العدو ومسيراته وصواريخه، كل هذا على خلفية العجز الدولي عن هزيمة المعتدي بالتوقف، بل وأحياناً ومنحه درعًا حتى يتمكن من الاستمرار في ارتكاب الفظائع مع الإفلات من العقاب أو المساءلة.
وتابع: “نفتتح اليوم أعمال الدورة 114 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والتي ستناقش عددا من القضايا المهمة، وفي مقدمتها قضية دعم الاقتصاد الفلسطيني، وهو موضوع يعرض بانتظام على هذا المجلس الموقر. “منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا يقام كل عام في دورة سبتمبر، لكنه اليوم يكتسب أهمية خاصة وأولوية واضحة.
* خسائر بشرية ومادية فادحة للشعب الفلسطيني
وأوضح الأمين العام أن تقرير هذا العام يسلط الضوء بالأرقام على الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني نتيجة العدوان الإسرائيلي الغاشم عليه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، في مواجهة الدمار الواسع النطاق والمتعمد الذي لحق بالشعب الفلسطيني. ويطال العدوان سبل عيش الجميع في كافة أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد أبو الغيط أن هذه الأرقام والإحصائيات تؤكد أن كمية القنابل والمتفجرات التي ألقيت على قطاع غزة تجاوزت عشرات الآلاف من الأطنان، وهو ما يفوق بكثير قوة القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينتي هيروشيما وناجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية. وأشار إلى أن هذه الجرائم خلفت خسائر بشرية ومادية فادحة، لن يكون من السهل التعافي منها، وللأسف لن يحدث ذلك في وقت قصير.
وأضاف الأمين العام أن الاحتلال يتباهى منذ بداية عدوانه الغاشم بقصف غزة بآلاف القنابل كل يوم، منها المئات التي لم تنفجر، ويمكن أن تنفجر في أي لحظة، لتضاف إلى مجمل المآسي التي كادت أن تجتاح القطاع. لقد ابتلينا قطاع غزة لمدة عام ويتعلق بجيل كامل. لقد فقد العديد من الأطفال حياتهم الأكاديمية الطبيعية، ناهيك عن الوضع الصحي الرهيب الذي يأتي مع عودة الأمراض التي اختفت منذ ربع قرن.
وأكد أن هذه الجريمة، التي ترتكبها إسرائيل بلا هوادة، تستهدف أجيالاً كاملة من أبناء الشعب الفلسطيني، وليس الجيل الحالي فقط. إن هذه الجرائم لن تختفي وستبقى مشاهد القتل والتعذيب والتهجير والتجويع القاسية بعيدة عن الأنظار ولن تمحى من الذاكرة الفلسطينية والعربية والإنسانية.
وأشار الأمين العام إلى أن السنوات الأخيرة لم تكن الأفضل في العالم من حيث مؤشرات التنمية البشرية، إذ أنه للمرة الأولى انخفض عدد الأشخاص الذين يخرجون من دائرة الفقر.
* الإعاقة النمائية في السودان واليمن وليبيا
وأشار بأسف شديد إلى الدول التي انقطع مسار التنمية فيها بسبب الصراعات الداخلية مثل السودان واليمن وليبيا.
وشدد أبو الغيط على أن تعزيز النمو الاقتصادي المستدام في منطقتنا يتطلب تغييرا نوعيا في تعاملنا مع بؤر الأزمات وعدم الاستقرار كأولوية ملحة، وأن التحديات العالمية تتطلب أيضا منظورا جديدا لجهود التكامل الاقتصادي، موضحا أنه يمكن ملاحظة الاتجاه اليوم ومهمة العالم هي مواصلة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادلات التجارية على مستوى المناطق الجغرافية، بعد أن برزت مشاكل العولمة وخطر الاعتماد الاستراتيجي عليها.
كما أكد على ضرورة تسريع وتكثيف جهود التكامل الاقتصادي العربي لمواجهة التحديات القائمة، فضلا عن ضرورة تفعيل الآليات العربية القائمة في مختلف المجالات للاستفادة منها، بما في ذلك تطوير أداء المنظمات العربية المتخصصة، والتي بمبادرة من خلال الجلسة الـ114 للرئيس، كان الموضوع على جدول أعمال جلسة اليوم. من جانبه، قال عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة، إن اجتماع اليوم ينعقد في ظل ظروف استثنائية صعبة، حيث تشهد منطقتنا العربية حاليا العديد من التحديات والأزمات الاقتصادية، حيث يخفض صندوق النقد الدولي مساهمته انخفضت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 0.2% منذ بداية العام.
وأضاف أن المنطقة العربية تشهد توترات جيوسياسية مستمرة، وفي مقدمتها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في قطاع غزة، الأمر الذي يتطلب منا بذل جهود أكبر لتعزيز التقارب والتماسك، فضلا عن دعم تنسيق العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. مصطلحات لإعطاء بعد جديد لمعالجة هذه التحديات وتحويلها إلى فرص حقيقية تدعم مستقبل اقتصاد المنطقة وتحقق المزيد من الرخاء والتقدم للشعوب العربية.
وأشار في هذا الصدد إلى أن دولة الإمارات تؤكد استعدادها لمواصلة الجهود مع الدول العربية والعمل يداً بيد في هذه المرحلة لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي وإيجاد الحلول المناسبة لمواجهة هذه التحديات وتسخير كافة الإمكانات والطاقات والخبرات لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي. دعم عملية التنمية الشاملة وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد أهمية تسريع العمل على إنجاز وتنفيذ عدد من المشاريع التنموية المشتركة وتحسين منظومة الأطر القانونية المنظمة للعلاقات الاقتصادية بين الدول العربية، بما يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة والتعاون في خلق الدعم. فزيادة فرص العمل للشباب ستؤدي إلى تمكين الناس، وتشجيع اعتماد أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، وتعزيز الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز السياسات الرامية إلى تعزيز التنويع الاقتصادي.
وأشار إلى الملفات المدرجة على جدول أعمال الاجتماع، وأكد أنها تمثل فرصة ثمينة لتحسين التعاون بين دول المنطقة العربية والمساهمة في تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي، وتعزيز أهمها. تعتبر التجارة البينية العربية المشتركة من أهم إنجازات التعاون بين دولنا العربية. ولا بد من الاعتراف بأهمية التكتل الاقتصادي العربي الذي تتميز به المنطقة العربية.
وأشار إلى أهمية الاهتمام بالاتفاقيات والمعاهدات المبرمة في إطار جامعة الدول العربية والالتزام بما تتضمنه من أحكام وأنظمة ومبادئ تهدف إلى تعزيز مصالحنا المشتركة، ولا سيما اتفاقية تطوير وتسهيل التبادلات التجارية بين الدول العربية، مما أدى إلى إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. ودعا الدول العربية إلى الحفاظ عليها وتحسين التعاون داخلها وتفعيل وتنفيذ الأنظمة والقرارات في هذا الشأن.
وأضاف أن تحسين التبادل التجاري للمنتجات الوطنية على المستوى الإقليمي سيساعد في دعم الصادرات الوطنية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي في الدول العربية. وفي هذا السياق، دعا اللجان الفنية ولجان الخبراء إلى الإسراع في الانتهاء من بعض المرفقات التكميلية لتسهيل ذلك، كما دعا اللجنة إلى إجراء المراجعات اللازمة لبعض قواعد المنشأ المتفق عليها سابقًا، كما أعربت بعض البلدان عن رغبتها لتعديلها.