أول صور لمنشأة تخصيب اليورانيوم.. ما تاريخ طموح كوريا الشمالية النووي الذي أزعج أمريكا؟
لأول مرة في تاريخ كوريا الشمالية، تم نشر صورة تظهر زعيمها كيم جونغ أون وهو يسير في مصنع لتخصيب اليورانيوم ويدعو إلى تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي لتعزيز الترسانة النووية لبلاده. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية لكوريا الشمالية، وكالة الأنباء المركزية الكورية، أن كيم قام بجولة في معهد الأسلحة النووية و”موقع لإنتاج المواد النووية للأسلحة”، رغم أنه أغفل موقع المنشأة وتاريخ الزيارة.
– نحن مستعدون للقتال ضد أمريكا وحلفائها
وجاءت صور المنشأة النووية عقب خطاب ألقاه الزعيم الكوري الشمالي يوم الاثنين الماضي تعهد فيه بمضاعفة جهوده لإعداد قواته النووية بشكل كامل لمحاربة الولايات المتحدة وحلفائها. وفي خطابه بمناسبة الذكرى الـ76 لتأسيس حكومته، قال كيم إن بلاده تواجه خطرا جسيما بسبب ما أسماه التوسع المتهور للكتلة العسكرية الإقليمية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تتطور الآن إلى كتلة نووية.
– طموح من الخمسينيات
بدأت تطلعات كوريا الشمالية لامتلاك الطاقة النووية مطلع الخمسينيات خلال حكم زعيمها كيم إيل سونغ (جد الزعيم الحالي)، عندما تم إنشاء معهد أبحاث الطاقة الذرية وأكاديمية العلوم في ديسمبر/كانون الأول عام 1952، لكنه لم ينجح ولم يتحقق التقدم إلا عندما أبرمت كوريا الشمالية اتفاقيات تعاون مع الاتحاد السوفييتي. وقعت بيونغ يانغ على الميثاق التأسيسي للمعهد المشترك للأبحاث النووية التابع للاتحاد السوفيتي في فبراير 1956 وبدأت في إرسال العلماء والفنيين إلى الاتحاد السوفيتي للتدريب. وفي عام 1959، وقعت كوريا الشمالية والاتحاد السوفييتي اتفاقية بشأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية. وساعد السوفييت في بناء المفاعل في يونجبيونج، الذي أصبح محور الاهتمام الأمريكي بشأن التطورات النووية في شبه الجزيرة الكورية. أثار سحب الصواريخ السوفيتية من كوبا في نهاية أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962 مخاوف النظام الكوري الشمالي بشأن إمكانية انسحاب الاتحاد السوفيتي، وكان يُنظر إلى الأسلحة النووية بشكل متزايد على أنها وسيلة لضمان أمن كوريا الشمالية. بحسب ما نشر على الموقع الرسمي لجامعة كولومبيا في أمريكا.
– السبعينيات.. الثقة المحلية في تحقيق الحلم النووي
وفي أوائل السبعينيات، نجح المهندسون الكوريون الشماليون في توسيع مفاعل باستخدام التكنولوجيا المحلية وحصلوا على تكنولوجيا إعادة معالجة البلوتونيوم من الاتحاد السوفييتي. في عام 1977، وقعت كوريا الشمالية اتفاقية ضمانات ثلاثية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والجمعية الذرية 2000-IRT والاتحاد السوفييتي لإخضاع مفاعل حيوي في يونغبيون لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك الاتحاد السوفييتي الذي زود المفاعل بالوقود. في أوائل ومنتصف الثمانينات، استكشفت كوريا الشمالية إمكانية الحصول على تكنولوجيا مفاعل الماء الخفيف، وتزامن ذلك مع توسع برنامج المفاعلات المطورة محليًا في كوريا الشمالية. وبما أن كوريا الشمالية كانت بحاجة إلى المساعدة السوفييتية في بناء مفاعلات الماء الخفيف، فقد وافقت على التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
– الألفية الجديدة.. قبول كوريا وتصعيد العقوبات الأميركية
وشهدت التسعينيات مفاوضات ملحوظة بين كوريا الشمالية وأمريكا والمنظمات الدولية التي حاولت ردع كوريا الشمالية عن مشروعها النووي من خلال ضمان أمنها. وفي عام 2002، أعلنت كوريا الشمالية فشل المفاوضات وألقت باللوم على الطرف الآخر في هذا الفشل. واعترفت كوريا الشمالية بأن برنامجها النووي يحتوي على عنصر عسكري. في خطابه عن حالة الاتحاد، انتقد الرئيس الأميركي جورج بوش كوريا الشمالية لتسليحها نفسها بالصواريخ وأسلحة الدمار الشامل في حين أهملت مواطنيها. ووصف كوريا الشمالية، إلى جانب العراق وإيران، بأنها “محور الشر” الذي يشكل تهديدا للسلام العالمي. وفي الأول من إبريل/نيسان 2002، أصدر الرئيس بوش مذكرة أعلن فيها أنه لن يؤكد التزام كوريا الشمالية بالاتفاقية الإطارية. ولكن، نظراً لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، تنازل بوش عن القانون الأميركي ذي الصلة الذي يحظر تمويل منظمة تنمية كوريا الشمالية، الأمر الذي سمح للولايات المتحدة بمواصلة دعمها المالي للاتفاقية الإطارية. وفي أكتوبر 2002، اعترفت بيونغ يانغ بإجراء برنامج سري لتخصيب اليورانيوم لإنتاج أسلحة نووية، في انتهاك للاتفاقية الإطارية ومعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والاتفاقيات بين كوريا الشمالية والجنوبية. وفي ديسمبر/كانون الأول، أعلنت البلاد أنها ستعيد تشغيل محطة يونجبيون للطاقة النووية. وفي الشهر التالي، انسحبت كوريا الشمالية من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية بعد تعطيل معدات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية وطرد المفتشين.
– التجارب النووية.. كوريا تصدم العالم
ووفقا لموقع المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية، اعتبارا من عام 2003، كانت كوريا الشمالية حرة تماما ودون إشراف من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مفتشيها. وأعادت تشغيل مفاعلها الذي تبلغ طاقته 5 ميجاوات وبدأت في استعادة البلوتونيوم من الوقود المستهلك. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2006، أجرت كوريا الشمالية تجربتها النووية الأولى، وأعلنت بيونغ يانغ حينها أن التجربة النووية تمثل حدثاً تاريخياً مشجعاً ومرضياً للجيش الكوري وللشعب الذي كان يأمل في وسائل دفاع قوية ومستقلة. وأكد النظام الكوري الشمالي أن التجربة ستسهم في إحلال السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة المحيطة بها.
قرر مجلس الأمن الدولي بالإجماع فرض عقوبات مالية وسلاحية على كوريا الشمالية بسبب تجربتها النووية. ويدعو القرار 1718 بيونغ يانغ إلى تفكيك جميع أسلحتها النووية وأسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية.
– اهدأوا وسيعود المفتشون لرفع العقوبات
وفي مواجهة العقوبات الدولية والعزلة وإضافتها إلى قائمة الدول الداعمة للإرهاب، اتخذت كوريا الشمالية خطوات لتهدئة الأمور عندما وافقت في فبراير/شباط 2007 على إغلاق مفاعلها النووي ودعوة مفتشين دوليين في غضون 60 يوماً مقابل الحصول على مساعدات هائلة في مجال الطاقة. ثم وصل مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى كوريا الشمالية للتحقيق في تجميد مفاعلها النووي للمرة الأولى منذ عام 2002. وفي 27 يونيو/حزيران 2008، فجرت كوريا الشمالية برج التبريد في مفاعلها النووي في يونجبيون، في خطوة رمزية لإظهار التزامها بالمحادثات بشأن إنهاء برنامجها النووي. تأجيل تخفيف العقوبات يعيد كوريا إلى برنامجها النووي ولم تواصل كوريا الشمالية طريق التهدئة وتفكيك مشروعها النووي. وفي 26 أغسطس/آب 2008، واحتجاجاً على تأجيل عملية رفع اسمها من القائمة الأميركية، أعلنت وقف عملية تفكيك منشآتها النووية لصالح الدول التي تدعم الإرهاب.
– تجربة ثانية أقوى
وبعد أشهر من استئناف العمل النووي، فجرت كوريا الشمالية قنبلة نووية تحت الأرض في 25 مايو 2009. وهذه هي التجربة النووية الثانية لكوريا الشمالية، ويعتقد أنها أقوى بعدة مرات من تجربتها الأولى في عام 2006.
– عهد أوباما: استئناف المفاوضات واستئناف التجارب النووية
في ديسمبر/كانون الأول 2009، أرسل الرئيس الأمريكي باراك أوباما رسالة شخصية إلى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل بشأن المفاوضات حول البرنامج النووي لبلاده. وفي عهد أوباما، وافقت كوريا الشمالية في فبراير/شباط 2012 على تعليق تخصيب اليورانيوم والتجارب النووية والصاروخية بعيدة المدى. لكن الوضع لم يستمر. في أوائل فبراير 2013، أعلنت لجنة الدفاع الوطني في كوريا الشمالية أنها ستبدأ في إجراء تجربة نووية متقدمة. ذكرت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية أن زعيمها كيم جونغ أون اتخذ قرارا “مهما” بشأن أمنه وسيادته خلال اجتماع عسكري، مع تصاعد الضغوط على بيونغ يانغ للتخلي عن خطتها لإجراء تجربة نووية. ويستمر المشهد في 12 فبراير/شباط، عندما أجرت كوريا الشمالية تجربة نووية ثالثة في موقع تجارب بونجي-ري، بعد ساعات من تعهد المكتب السياسي لحزب العمال الحاكم بمواصلة إطلاق الصواريخ بعيدة المدى كجزء من حملة شاملة وعالية الكثافة. عمل الإضراب.
– تجربتان نوويتان توديعاً لعهد أوباما
شهدت السنة الأخيرة من ولاية الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض تجربتين نوويتين أجرتهما كوريا الشمالية، أفادت التقارير أن أولهما اختبرت بنجاح قنبلة هيدروجينية في 6 يناير 2016. في 9 سبتمبر 2016، أجرت كوريا الشمالية تجربتها النووية الخامسة بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لصعود نظامها إلى السلطة. وبحسب وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، قيل إن قوة الانفجار بلغت 10 كيلوطن، مما يجعله أكبر انفجار يتم تنفيذه على الإطلاق.
– التجربة السادسة
وبعد عام تقريبا، رصدت وكالة الأرصاد الجوية الكورية الجنوبية زلزالا بقوة 5.7 درجة في موقع التجارب النووية في كوريا الشمالية، ما يشير إلى إجراء التجربة النووية السادسة في سبتمبر 2017.
ذكرت وكالة الأنباء الرسمية لكوريا الشمالية اليوم أن البلاد طورت قنابل هيدروجينية يمكن تحميلها على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في البلاد.