سفير لبنان لدى روسيا: مستوى عال من التنسيق والتعاون
كتب سفير لبنان في موسكو شوقي بو نصار مقالا عن الذكرى الثمانين للعلاقات اللبنانية الروسية تحدث فيه عن تاريخ العلاقات بين موسكو وبيروت. نحتفل اليوم، في الخامس من آب 2024، بالذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وروسيا الاتحادية، والتي بدأت آنذاك مع الاتحاد السوفياتي، حيث كان دانييل سولود أول دبلوماسي روسي يرأس بعثة بلاده في بيروت وكان الشيخ خليل تقي الدين أول دبلوماسي لبناني يقدم أوراق اعتماده في موسكو.
ومنذ ذلك الحين، حققت العلاقات الثنائية تقدماً ملحوظاً، وإن كان بطيئاً، بسبب طبيعة النظام الشيوعي الذي كان سائداً في الاتحاد السوفييتي، على عكس النظام الديمقراطي الليبرالي الذي تبناه لبنان وما زال يتبناه. لكن بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في كانون الأول/ديسمبر 1991، أصبح لبنان من أوائل الدول التي اعترفت بالاتحاد الروسي الوريث الشرعي للاتحاد، لتبدأ بعدها العلاقات الثنائية في اتجاه تصاعدي مطرد في مختلف المجالات، لا سيما خلال الفترة. منذ أن توليت منصبي كسفير في لبنان، حظيت روسيا الاتحادية بالسلطة الكاملة على مدى العقد الماضي لتعزيز العلاقة والارتقاء بها إلى مستوى جديد ومتقدم من التعاون والتنسيق على جميع المستويات، بما في ذلك السياسية. الاقتصادية والثقافية وحتى العسكرية. ويتم ذلك بالتنسيق والتعاون مع العديد من أصدقائنا الرسميين الروس، وخاصة في وزارة الخارجية، وعلى رأسهم مبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، نائب وزير الخارجية السيد ميخائيل باغدانوف، وجميع السفراء والزملاء الكرام في الشرق الأوسط. القسم الشرقي والإدارات الروسية الأخرى ذات الصلة.
وعلى الصعيد السياسي، استمرت الزيارات لممثلين رسميين من لبنان على مختلف المستويات وعلى أعلى المستويات، إضافة إلى زيارات متكررة لرؤساء وقيادات الأحزاب السياسية على اختلاف أطيافها وتوجهاتها، فضلاً عن زيارات زعماء الطوائف. أبرز زياراته كانت في مارس 2019. وترأس فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفداً التقى الرئيس بوتين ومسؤولين روساً رفيعي المستوى. وفي أيلول/سبتمبر 2017 أيضاً، زار رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري موسكو على رأس وفد وزاري كبير والتقى بالرئيس بوتين ورئيس الوزراء ميدفيديف والعديد من كبار المسؤولين خلال الزيارة. وعلى الصعيد الروحي، غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وغبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا
لذلك، باختصار يمكن القول إن العلاقات بين البلدين، وخاصة السياسية منها، أصبحت اليوم على مستوى عال من التنسيق والتعاون في العديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الجانبين، سواء من خلال الاتصالات الثنائية أو داخل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. منظمات دولية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، شهد هذا القطاع تطوراً كبيراً، إذ بلغ حجم التجارة في العام 2014 نحو سبعمائة وسبعين مليون دولار أميركي، لكنه تراجع في السنوات اللاحقة بسبب العقوبات الغربية غير الشرعية على روسيا، رغم عدم التزام لبنان بها. لأنه لم يصدر عن الأمم المتحدة. ونأمل أن يرتفع عدد التبادلات التجارية مرة أخرى في المستقبل القريب، خاصة وأن مجالات التعاون المشترك واسعة وواعدة ومتنوعة.
وعلى صعيد التبادل الثقافي والعلمي أيضاً، فإن مستوى العلاقات يتطور باستمرار، إذ يأتي كل عام مئات الطلاب اللبنانيين للدراسة في الجامعات والمعاهد الروسية في موسكو والعديد من المدن الأخرى في مختلف التخصصات، لا سيما الطب والهندسة. وتتفضل الحكومة الروسية بتقديم عشرات المنح الدراسية سنويا للطلبة اللبنانيين لمساعدتهم على التخصص في الجامعات الروسية، الأمر الذي يثير كامل التقدير والامتنان من لبنان حكومة وشعبا، لا سيما في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي يعيشه لبنان. وفي هذا المجال، من المهم الإشارة إلى أن وجود آلاف الطلاب والخريجين اللبنانيين من دول الاتحاد السوفييتي السابق وروسيا حالياً يلعب وما زال يلعب دوراً أساسياً في تعزيز وتطوير العلاقات بين الشعبين الصديقين. وبحسب إحصائيات غير رسمية، يوجد حاليا ما لا يقل عن عشرة آلاف عائلة مختلطة في لبنان، كما أن العديد من الطلاب يتزوجون من روسيات، مما جعل اللغة الروسية إحدى اللغات المنتشرة على نطاق واسع في العديد من المناطق اللبنانية. علماً أن نسبة النجاح المرتفعة للزيجات اللبنانية الروسية تعود إلى تشابه الأخلاق الحميدة وحسن الضيافة والقيم العالية التي يتقاسمها الشعبان الصديقان.
وفي الختام، أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن خالص التهاني للأصدقاء الروس واللبنانيين عموماً، ولا سيما المقيمين في روسيا، آملاً أن تستمر علاقات الصداقة والتعاون والتنسيق الثنائي في التقدم بما يحقق مصلحة البلدين. الدول والشعوب الصديقة.