هل ابتعد شبح الحرب الشاملة بين حزب الله والاحتلال؟
منذ 26 أغسطس، تراجعت حدة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله على الجبهة الجنوبية للبنان، بعد رد الحزب على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في 30 يوليو بهجوم إسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت. وبعد ردود الفعل على اغتيال شكر ومحاولات السيطرة على الوضع العسكري في المنطقة، بدا وكأن حزب الله وإسرائيل يحاولان منع التصعيد نحو حرب شاملة. ومع بداية 25 أغسطس/آب الماضي، وهي ذروة المواجهات بين الجانبين منذ عشرة أشهر، اندلع تبادل كثيف لإطلاق النار عبر الحدود بشكل شبه يومي، ما أثار مخاوف حينها من اندلاع حرب شاملة بينهما. وفي 25 أغسطس، أعلن الحزب أنه أطلق مئات الطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل ردا على اغتيال شكر، وقال أمينه العام حسن نصر الله في اليوم نفسه إن الهجوم كان موجها على قاعدة “جليلوت” قرب تل أبيب. في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ “هجوما استباقيا” على لبنان بعد “الإشراف على تحضيرات الحزب” لإطلاق الصواريخ على مدن إسرائيلية. وذكرت وكالة الأناضول أن المراقبين أجمعوا على أن الحزب لا يريد توسيع الحرب، بل العودة إلى قواعد الاشتباك التي كانت قائمة قبل الرد “الدقيق” على اغتيال شكر.
* العودة إلى قواعد الاشتباك
وقال الكاتب والمحلل السياسي منير الربيع: “على مدى أسبوعين، شهدت الجبهة اللبنانية عودة حزب الله إلى قواعد الاشتباك التي كانت معمول بها منذ بدء الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي”. وأضاف: “الرد الدقيق لحزب الله على اغتيال إسرائيل لأحد قادته مؤشر على أنه لا يريد توسيع الحرب”. وأفاد الربيع أن المواجهات تتصاعد وتنحسر بشكل ملحوظ لأن حزب الله يفضل أن تبقى الجبهة اللبنانية “مجرد جبهة دعم لغزة”. وأوضح: “لا يمكن التنبؤ بما سيفعله الإسرائيليون، رغم أن واشنطن تعمل على إدارة الوضع للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي، لكن ذلك غير مضمون في ظل الضغوط الإسرائيلية الداخلية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو” والدعوات المتكررة للتركيز والتأكيد على الجبهة الشمالية”. وقال: “هناك خياران: إما مواصلة هذه الحرب لفترة طويلة باستخدام أسلوب الاستنزاف الحالي الذي يمكن أن يؤدي إلى انفجار إذا حدث خطأ ما، أو التوصل إلى اتفاق دبلوماسي”. من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي غسان ريفي: إن رد فعل حزب الله على اغتيال شكر كان متأخرا بسبب المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب على غزة، وعندما لم تتوصل إلى نتيجة، رد الحزب بطريقة مدروسة وبطريقة مدروسة. إطار عسكري عسكري واستهدف قاعدة جليلوت قرب تل أبيب. وأشار إلى أنه “بعد عملية الرد، كانت هناك عودة إلى قواعد الاشتباك، التي تتوسع وتتقلص بحسب ظروف واحتياجات الميدان، بحيث انخفضت العمليات العسكرية الآن من الجانبين”. ورأى ريفي أن «حزب الله بعث برسالة واضحة لإسرائيل مفادها أن اللعب خارج الخط الأحمر، أي الهجوم على العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية، سيرافقه هجوم على تل أبيب».
* الوضع طبيعي
وقال الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد هشام جابر: “ما يحدث الآن ليس انخفاضا في العمليات العسكرية، لكنه أمر طبيعي تماما، وأحد الأطراف يقول دائما إذا وسعت إسرائيل المواجهات في لبنان سنتوسع”. وقال جابر: “سيستمر الوضع حتى لا يسمع عنه أحد”. وأشار إلى أن معادلة المواجهة لم تنته عند رد حزب الله، إذ كان الرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة طهران لا يزال متوقعا. وأشار إلى أن الجبهة الجنوبية في لبنان ستبقى متصلة إلى ما بعد الرد الإيراني، ما يشير إلى احتمال تجدد المواجهات.
* إسرائيل لم تحقق الردع
وفي السياق نفسه، رأى الكاتب والمحلل السياسي محمد حمية أن “أهمية عمليات حزب الله تكمن في أنها أعادت قواعد الاشتباك إلى قواعد الاشتباك السابقة وأحبطت كل محاولات إسرائيل لإدخال قواعد اشتباك وقواعد ردع جديدة كانت موجودة في السابق”. تصبح لصالح حزب الله”. وذكر: “إن إسرائيل لم تتمكن من إعادة الأمن لعودة المستوطنين إلى منازلهم في الشمال وفشلت في إجبار حزب الله على وقف جبهة دعمه لغزة”. ورأى حمية أن “الجانب الإسرائيلي يفضل الحل الدبلوماسي والتفاوض مع لبنان على المواجهة الشاملة”. وقال: “يأتي العديد من الدبلوماسيين الغربيين إلى لبنان لتقديم عدة مقترحات للحكومة اللبنانية لفرض حل على الحدود الجنوبية، لكن حزب الله يربط وقف العمليات العسكرية في الجنوب بوقف إطلاق النار في غزة”. وأضاف: “الأمور ستستمر على هذه الوتيرة وستتصاعد أو تتدهور أحياناً، لكنها ستبقى ضمن قواعد اشتباك معينة لن يتم تجاوزها حتى الانتخابات الأميركية المقبلة، والتي ستنعكس نتائجها على الحدود اللبنانية”. “