أكثر من مليار طائر سنويا بين قتيل وجريح.. والسبب الاصطدام بزجاج النافذة
فالطيور ببساطة لا تفهم ما هو الزجاج، ولا يمكنها التعرف على العلامات التي تشير إلى وجود نافذة زجاجية في مسار طيرانها، مثل الإطار المعدني المحيط بالنافذة أو المقابض المستخدمة لفتح النوافذ. بل يرون المساحة الممتدة إلى ما وراء النافذة الشفافة استمرارًا للمسار الذي يسلكونه عند الطيران، أو يرون المشهد المنعكس في الزجاج كجزء من المجال الطبيعي الذي يطير من خلاله.
دعونا لا نبالغ في اتهام الطيور بالغباء، فالإنسان يصطدم أيضًا بالأبواب الزجاجية عند المشي. لكن المشكلة هي أن الطيور التي تصطدم بالنوافذ الزجاجية التي تسد طريقها أثناء الطيران يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة، كما أثبتت دراسة علمية نشرت مؤخرا أن عدد الضحايا الذين يموتون نتيجة الاصطدام بالنوافذ هو في الواقع 60%. يموت من هذه الطيور نتيجة الاصطدام، حتى عند توافر أفضل الظروف مثل الرعاية الطبية أو نجاة الطائر من الأعداء الطبيعيين في البيئة التي يعيش فيها.
وجدت دراسة أجريت عام 2014 أنه في الولايات المتحدة وحدها، يموت ما بين مئات الملايين ومليارات الطيور كل عام بسبب الاصطدام بالزجاج في النوافذ، اعتمادًا على عدد الطيور التي تقتل بجوار المباني والمرافق.
لكن دراسة جديدة أجريت في جامعة فوردهام شمال ولاية نيويورك ونشرت في مجلة بلوس وان وسعت البحث من خلال متابعة حالات هذه الطيور بعد الاصطدام وافتراض أنها لم تمت بعد الاصطدام مباشرة.
وقال الباحث ر. كورنيش، أستاذ علم الأحياء في جامعة فورهام: “أود أن أقول إن الأرقام مفاجئة ولم أكن أعتقد أنها سيئة للغاية”. وأوضح في تصريحات لموقع الأبحاث العلمية Popular Science: “المخلوقات البرية قوية وتحاول النجاة من الظروف الكارثية التي تواجهها قدر استطاعتها، لكنها في بعض الأحيان تموت حتى عندما لا نراها”. أظهرت دراسة رصدية أن معظم الطيور التي تصطدم بألواح الزجاج في النوافذ لا تموت على الفور وأن 80% من هذه الطيور تعود للطيران من مكان الحادث وأن ما بين 12% و14% منها تتعرض لصدمة مؤقتة، في حين أن 50% من هذه الطيور تطير بعيدًا عن مكان الحادث ولا تترك آثارًا مرئية يمكن للناس التعرف عليها.
ومع ذلك، تقول الدراسة الجديدة أن العديد من الطيور تموت بالفعل نتيجة الاصطدام بالزجاج. وفي إطار الدراسة الجديدة، جمع الباحث كورنيش وزملاؤه بيانات عن حوادث اصطدام الطيور بالنوافذ في عدة ولايات في شمال غرب الولايات المتحدة وعلى ساحل المحيط الأطلسي بين عامي 2016 و2021، ورصدوا أكثر من 3100 حادثة موثقة تتعلق بها. أنواع الطيور المختلفة. ووجد الباحثون أن 5.39% من الطيور التي تعرضت للحوادث وتم تأهيلها في مراكز الرعاية المتخصصة تعود إلى البرية بعد رحلة علاج تستغرق في المتوسط 12 يوما وأن 1.32% من هذه الطيور تعود خلال ثلاثة أيام من العلاج وأن 4.28% من الطيور يتم القتل الرحيم لهذه الطيور من قبل خبراء الحياة البرية على أساس أن إصاباتها غير قابلة للعلاج.
ويقول الباحث ترافيس لونجكور، المتخصص في أنماط الحياة البرية الحضرية بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن هذه الدراسة تتناول موضوعًا مهمًا للغاية يعتمد على معلومات لم يتم التطرق إليها سابقًا. وأوضح لونجكور، الذي لم يشارك في الدراسة، أن التلوث الضوئي هو أحد أسباب اصطدام الطيور بالواجهات الزجاجية، ويعتقد أن تقديراتنا لاصطدام الطيور بالزجاج ربما لا تعكس الأرقام الفعلية.
ونقل موقع “بولار ساينس” عن الباحث داستن بارتريدج، مدير تحالف الطيور في مدينة نيويورك، الذي يعمل على حماية الطيور البرية، قوله إن الطيور المعرضة لحوادث الاصطدام وفقدان الوعي مؤقتا توجد لفترات طويلة بما فيه الكفاية، لذا يمكن العثور عليها حتى 60 عاما. يمكن نقل % من الحيوانات إلى محميات الحياة البرية قبل دخولها سيرًا على الأقدام أو التقاطها بواسطة عمال النظافة، على الرغم من توفر الغذاء والماء والرعاية الطبية. ويقدر الباحثون أن 100 مليون طائر إضافي يموت كل عام بالإضافة إلى عدد الطيور المسجلة في دراسة عام 2014، لأن الطيور التي تم العثور عليها بعد الاصطدام لا تمثل سوى جزء صغير من العدد الفعلي للطيور، وفقا لبارتريدج ولونجكور، فإنهم تصطدم بالمباني والمرافق ولا تموت على الفور. يقول لونجكور إن النظر إلى حالات الطيور الواصلة إلى مراكز إعادة التأهيل يعطينا فكرة عن النفوق الخفي للطيور التي لم يتم العثور على جثثها في مكان الحادث، ورغم أن عدد الطيور المصابة في مراكز إعادة التأهيل يعطينا فكرة صورة أفضل لهذا في نهاية المطاف، ونظرًا لحجم المشكلة، ليس من الممكن تسجيل كل طائر يموت في اصطدام بلوح زجاجي. وقال كورنيش: “نحن لا نعرف في الواقع الكثير عن الطيور التي اصطدمت بالنوافذ ثم هربت، ويجب إجراء المزيد من الدراسات الرصدية في المستقبل للحصول على نتائج أكثر دقة”. ويؤكد الباحثون أن هناك الكثير من علامات الاستفهام المحيطة بحوادث الطيور في البيئات الحضرية، والتي لا يمكن لأي دراسة واحدة الإجابة عليها.