خبراء: التحول للدعم النقدي أفضل للمواطن والحكومة شرط تواكبه مع التضخم
• وكيل الدولة للخطة والموازنة بمجلس النواب: قيمة الدعم النقدي تختلف من مواطن إلى مواطن • الحماقي: المصريون بحاجة لمعالجة الفقر أكثر من تغيير آلية الدعم • “نافع” يخشى تراجع الدعم للفرد بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية • أنيس: لا بد من توافر 3 شروط لضمان حسن تطبيق النظام الجديد
محمد فوزي:
ونظرا للجدل الدائر حول استخدام الدعم النقدي كبديل للدعم العيني، يرى أربعة خبراء استطلعت الشروق آراءهم، أن الدعم النقدي هو، نظريا، للاقتصاد المصري وللمستفيدين وللحكومة. ولكن بشرط أن يتم وضع آلية متينة لضمان مواكبة هذا الدعم لارتفاع التضخم ويتطلب دعم الفئات الأولى وأكثر.
قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الخميس الماضي، خلال اجتماع مجلس الوزراء بمدينة العلمين، إن وزارة التموين تعمل حاليًا على وضع تصورات لتنفيذ نظام الدعم النقدي الغذائي بالتنسيق مع الحوار الوطني، مضيفًا أنه من المتوقع أن يتم تنفيذ النظام سيتم تنفيذها في السنة المالية التالية شريطة التوصل إلى التوافق اللازم. وتبلغ فاتورة الدعم (الغذاء والوقود والخدمات) في موازنة العام المالي الحالي 635.9 مليار روبية، مقابل 532.8 مليار روبية في العام المالي السابق، بنسبة نمو 19.3%.
وفي نظام الدعم العيني تدعم الحكومة بعض السلع والخدمات لتوفيرها للمستفيدين بأسعار أقل من التكلفة، أما في نظام الدعم النقدي يحصل المستفيد على مبلغ مالي لشراء السلع بأسعارها السوقية.
قال ياسر عمر، وكيل لجنة التخطيط والموازنة بمجلس النواب، إن ما لا يقل عن 25% من مشروع قانون الإغاثة الحالي يهدر أو يذهب لغير المستحقين، مرجحا أن هذه النسبة تقديرية وقد تكون أكبر من المتوقع.
وذكر مثالا على هدر الدعم، قائلا: “كثير من المواطنين يتركون البطاقات التموينية لأصحاب المخابز طوال الشهر”.
وأضاف عمر في تصريحاته لـ«الشروق»، أن موازنة العام المالي الحالي خصصت 154.5 مليار جنيه لدعم المنتجات البترولية، سيتم صرفها للمحتاجين وغير المستحقين، مشيرًا إلى أن هذا الدعم سيذهب للأغنياء والأجانب والسفراء ويستفيد منه المحتاجون. هي مجموعات لا تستحق يشار إلى أن مصر، بموجب شروط صندوق النقد الدولي، ملتزمة بإلغاء دعم الوقود بشكل كامل العام المقبل (2025) ضمن برنامج تمويلي بقرض قيمته 8 مليارات دولار.
وأشار إلى أن الحكومة ومجلس النواب يعملان منذ عام 2016 على التحول إلى المساعدة النقدية بدلا من المساعدة العينية من خلال تنقية متلقي المساعدة واستبعاد من لا يستحقها، لافتا إلى أن الدولة حاليا قامت لديها قاعدة بيانات كبيرة تم إنشاؤها على مدى ثماني سنوات والتي تشمل فقط المجموعات الأكثر احتياجًا للدعم المالي.
ولم يذكر عمر الحصة المستحقة من المساعدة، لكنه أشار إلى أن القيمة المقدمة ستختلف من مواطن إلى مواطن، موضحا أنه سيتم تحديد الشرائح الاجتماعية وفق معايير معينة وسيتم دفع مبلغ معين لكل مواطن بناء على هذه المعايير.
ويتفق معه الخبير الاقتصادي محمد أنيس على أهمية التحول إلى المساعدة النقدية، مشيراً إلى أنها تزيد من كفاءة المبلغ المقدم للمستفيدين وتحميهم من الهدر أو السرقة.
وأضاف أنيس لـ«الشروق» أنه يجب توافر عدة شروط لضمان حسن تطبيق نظام المساعدات النقدية، لافتًا إلى أنه يجب توجيه المساعدات عبر البطاقات الذكية لمستحقيها، ولا يجوز سحب الأموال النقدية واستخدامها إلا لشراء بعض السلع والخدمات الأساسية لضمان استخدام الدعم بالشكل الصحيح وعدم إهداره. وهذا يدل على أن هذا الأسلوب يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه فقط.
كما أشار أنيس إلى أن الدعم النقدي الموجه للمستفيدين يرتبط بشكل غير مباشر بمعدلات التضخم، وتابع: “هذا الشرط يضمن الحفاظ على حصة الفرد من الدعم سنوياً”.
دكتور. ويرى يامن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن المشكلة التي تعاني منها الدولة منذ عدة عقود هي عدم قدرتها على مكافحة الفقر، ويرجع ذلك إلى أن الدولة لديها آليات دعم ومبادرات متبعة. دون الاعتماد على آليات التمكين الاقتصادي.
وقال الحماقي لـ«الشروق»، إن نظام الدعم النقدي أفضل بكثير من الدعم العيني من الناحية الاقتصادية، لكن يجب تطبيقه بشكل تدريجي وفي أطر ودراسات دقيقة للغاية، وتابع: «في حالتنا» لن تميز عيني عن مالي ما دمنا لا نواجه الفقر”.
وأشارت إلى أنه قبل تطبيق نظام الدعم النقدي، لا بد من رفع أداء المواطن وتعزيز قدراته من خلال برامج التمكين الاقتصادي، مضيفة أنه في هذه الحالة يجب تطبيق نظام الدعم النقدي بشكل فوري.
وأضافت أنه في المرحلة الأولى من تطبيق نظام الدعم النقدي يجب أن تتاح للمستفيد فرصة الاختيار بين الدعم النقدي والعيني، لافتة إلى أنه في هذه المرحلة يجب على الدولة متابعة سلوك متلقي الدعم ومراقبة أوضاعهم. الأداء من خلال دراسات ميدانية متعمقة.
وأشارت إلى أنه بعد فترة طويلة تستطيع الدولة خفض فاتورة الدعم بنسبة كبيرة جدا وبناء اقتصاد قوي ومستدام يعتمد على مهارات وكفاءات مواطنيها، مستشهدة بالتجربة الصينية.
من ناحية أخرى، يخشى الخبير الاقتصادي مدحت نافع من أن يؤدي التحول إلى الدعم النقدي إلى تراجع دعم الفرد بسبب الضغوط التضخمية على السلع الأساسية.
ويرى أنه من المستحيل أن تطبق الدولة نظام الدعم النقدي بشكل كامل، موضحا أنه إذا ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنسبة 100% فإن الدولة بالتأكيد لن تزيد قيمة الدعم بنفس النسبة، وهو ما سيكون بمثابة عبئا كبيرا على تمثيل الميزانية العامة.